الموضوع : ((الـــغـــربـــة عــلـــمـــتـــنـــي))
اخترت هذا الموضوع لأنني حاليا أعيش هذي المأساة .. التي ربما أعتبرها أكبر مصيبة حصلت لي.
والسبب يعود إلى طريقة نشأتي .. حيث نشأت مرفها ومتنعما من غير جهد ولا تعب ..
لا غسيل ولا كوي ولا طبيخ ولا شوي ولا تحمل مسؤولية ولا "وَدّي وجيب" .. لا شيء .. حتى أصبح جسمي
رقيقا وهشا "سهل الكسر" هههههههههه ، وأصبحت عجوزا قبل أن أصبح شابا !!
لا أستطيع أن أتخيل أنني لم أكن أفعل شيئا سوى النوم والأكل وقيادة السيارة الفارهة داخل المدينة .
والحمدلله لم أرسب ولا سنة!!
وهذا ليش من شطارتي ،، بل من المدارس الخاصة التي كنت أدرس فيها .. كان المدرسون يتملقونني ويزيدوني في الدرجات.
وفجأة .. تخرجت من الثانوية العامة ونسبتي لمن تكن مرضية ...... "ليس لي"
بل للجامعة التي طالما حلمت أن أدرس فيها .. وحصل ما حصل .. ورضيت بالأمر الواقع
وهو أن أسافر للخارج وأكمل دراستي الجامعية ... قد ذهبت إلى بلاد الخارج قبلا ، للسياحة .
وكان منها البلد الذي أنا فيه الآن .. عندما زرت هذه الدولة أول مرة (للسياحة) كانت آية من آيات الجمال في عيني !! حتى إني تمنيت
أن يكون لي بيت فيها .. والآن قد تحقق هذا الحلم .. "ويا ريتو ما اتحقق"
عندما وصلت إليها .. بتّ لا أريدها .. أحسست بالوحدة من أول يوم لي .. وشعرت لأول مرة بأني "غريب" ، غريب عن المدينة
غريب عن الناس في الشارع .. وشعرت بالخوف "لا أخفي عنكم" ..
حتى إني اتصلت بأهلي وقلت لهم أني أريد أن أعود ولا أريد أن أدرس .. أصبحت مثل الأطفال ..
ولكني كنت مِثل " البحر من خلفك والعدو من أمامك " لم يكن لدي أي خيار آخر .. فجمعت قواي ..وأمضيت قدما في الأمر.
أصبحت حياتي كلها حزينة .. انقلبت من المرح واللامبالاة إلى الجِــدّ .. أصبحت وحيدا .. بل وأصبحت الوحدة من طبعي الآن!!
أحيانا ..قبل أن أخلد إلى النوم .. أتذكر كل شخص أحببته .. وأشعر برغبة في البكاء
ليس عيبا أن يبكي الرجل .. خصوصا .. إذا كان من يبكي عليه يستحق البكاء ..أليس كذلك ؟
------------------------------------------------
بلد غريبة .... لا أحد يهتم فيها لأحد .. كل شخص في سبيل حاله
صحيح أني تعرفت على أصدقاء جدد .. ولكنهم عاجلا أم آجلا سوف يختفون .. كل إلى بلده وكل إلى بيته ..
تعلمت كل الأعمال المنزلية .. وأدركت الآن كم هي شاقة .. ومتعبة .. هذا وأنا أخدم نفسي فقط .. فكيف بالخادمات اللاتي يعملن
من الصباح وحتى المساء .. بلا رحمة منا .. وحتى الأمهات .. والأخوات يعملن ويخدمن جميع من في البيت ..الآن أدركت!
أدركت أن الأم بحر من الحنان والحب لا يتنهي .. وأن الأخوات هن فروع من هذا البحر الكبير.. كلهم حب وحنان ورقة وطيبة ..
لا أريد أن أطيل عليكم .. لم أرتب لهذا الكلام قبل أن أكتب ..ولكن الكلمات تتابعت وسحبت بعضها ..
----------------------------------------------------------------------
الغربة .. صنعت مني رجلا ..قادرا على تحمل المسؤولية .. وتحمل المصاعب والمواقف..
الغربة .. علمتني كيف أحب .. ومن أحب .. وكيف أحافظ على من أحب ..
علمتني قيمة الأهل .. وأنهم نعمة من نعم الله تعالى علينا ..وأن الإنسان يعتبر نكرة من غير أهله!!
علمتني قيمة المال .. الذي كنت أهدره ليلا ونهارا .. أصبحت الآن أعرف متى أصرف المال.. وكيف..
الغربة علمتني أشياء كثيرة في مختلف مجالات الحياة ..
لا أحد يتعلم من غير تعب .. ولا يوجد شيء مستحيل مع وجود الإصرار والعزيمة ..
---------------------------------------------------------------------------------------------------
وأصبحت المصيبة الكبرى التي ذكرتها في البداية .. هي في الحقيقة عبارة عن منعطف جميل في مسار حياتي.
والحمدلله أحسست بأني تغيرت كثيرا .. ولن ارضى على نفسي اتم الرضى .....حتى اتخرج من هناك واحظر لاهلي الشهادة .........
وشكرا،،،
ملطووش